الحديد وعلاقته بتساقط الشعر

الحديد يمنع تساقط الشعر

يُعد تساقط الشعر من المشاكل الشائعة التي تؤرق ملايين الأشخاص حول العالم، ويعود ذلك إلى أسباب متعددة، منها الوراثية والهرمونية والنفسية والتغذوية. وفي طليعة العوامل الغذائية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الشعر يأتي عنصر الحديد، الذي يعتبر من المعادن الحيوية التي تلعب دورًا رئيسيًا في نمو الشعر والحفاظ على كثافته ولمعانه. تشير العديد من الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين نقص الحديد وتساقط الشعر، خصوصًا لدى النساء في سن الإنجاب، مما يجعل الحديد محط اهتمام الأطباء وأخصائيي التغذية عند تقييم أسباب تساقط الشعر.

في هذا المقال الموسع، سيتم التطرق إلى العلاقة بين الحديد وتساقط الشعر بشكل علمي ومفصل، من خلال شرح آلية عمل الحديد في الجسم وتأثيره المباشر على بصيلات الشعر، بالإضافة إلى التطرق لأعراض نقصه، وطرق تشخيص هذا النقص، وأفضل الطرق لتعويضه غذائيًا ودوائيًا، مع استعراض الدراسات والأبحاث ذات الصلة، وتقديم جدول غني بمصادر الحديد الطبيعية وفقًا لمحتواها الغذائي.

أولاً: الحديد ودوره البيولوجي في الجسم

الحديد هو عنصر معدني أساسي يشارك في مجموعة من الوظائف الحيوية، أهمها:

• تكوين الهيموغلوبين: وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء والمسؤول عن نقل الأوكسجين من الرئتين إلى جميع أنسجة الجسم، بما في ذلك فروة الرأس وبصيلات الشعر.

• دعم عمليات الأيض: الحديد عنصر رئيسي في عمل الإنزيمات التي تساهم في إنتاج الطاقة الخلوية.

• نمو الخلايا: يشارك في عملية انقسام ونمو الخلايا، بما في ذلك الخلايا المسؤولة عن تكوين الشعر.

• وظائف الجهاز المناعي: يلعب الحديد دورًا في تقوية الجهاز المناعي، مما يؤثر بدوره على صحة الجلد والشعر.

ثانيًا: العلاقة بين نقص الحديد وتساقط الشعر

عندما ينخفض مستوى الحديد في الجسم، خاصةً الحديد المخزن المعروف باسم الفيريتين (Ferritin)، يتأثر نمو الشعر بشكل كبير. يحدث ذلك نتيجة ما يلي:

• ضعف إمداد الأوكسجين لفروة الرأس: انخفاض الهيموغلوبين يؤدي إلى ضعف التروية الدموية لبصيلات الشعر، ما يعطل دورة نمو الشعر الطبيعية.

• تحويل الطاقة من الخلايا البصرية إلى الوظائف الأساسية: في حالات النقص، يعطي الجسم الأولوية للأعضاء الحيوية، ويُهمل وظائف ثانوية مثل نمو الشعر.

• تأثير على دورة الشعر: نقص الحديد يؤدي إلى توقف مرحلة النمو (Anagen) ودخول عدد كبير من الشعرات في مرحلة التساقط (Telogen effluvium).

وقد أثبتت الأبحاث أن النساء اللواتي يعانين من تساقط الشعر المزمن غالبًا ما يعانين من انخفاض مخزون الحديد، حتى في حال لم تظهر عليهن أعراض فقر الدم التقليدية.

ثالثًا: الفئات الأكثر عرضة لنقص الحديد المرتبط بتساقط الشعر

• النساء في سن الإنجاب: نتيجة لفقدان الدم الشهري أثناء الدورة الشهرية.

• النساء الحوامل والمرضعات: لزيادة حاجة الجسم للحديد لدعم نمو الجنين أو إنتاج الحليب.

• النباتيون: نتيجة انخفاض امتصاص الحديد غير الهيمي الموجود في المصادر النباتية.

• الأشخاص المصابون بأمراض الجهاز الهضمي: مثل الداء الزلاقي أو القرحة أو التهابات الأمعاء التي تؤثر على امتصاص الحديد.

• الأشخاص الذين يعتمدون على الحميات القاسية: بسبب انخفاض السعرات والعناصر الغذائية الأساسية.

رابعًا: الأعراض المرتبطة بنقص الحديد

• تساقط الشعر الملحوظ

• شحوب الجلد

• التعب العام وضعف التركيز

• هشاشة الأظافر

• الصداع والدوخة

• ضيق في التنفس عند المجهود البسيط

• برودة الأطراف

• التهاب اللسان وتشقق زوايا الفم

خامسًا: تشخيص نقص الحديد

يتم تشخيص نقص الحديد من خلال مجموعة من التحاليل المخبرية أهمها:

سادسًا: علاج تساقط الشعر الناتج عن نقص الحديد

1. تعويض الحديد دوائيًا:

   • يُوصف الحديد على هيئة أقراص أو شراب (مثل فيروجلوبين، فروفير، فيروترون).

   • تؤخذ الجرعة حسب وصف الطبيب وتُفضل على معدة فارغة لزيادة الامتصاص، مع تجنب تناول الكالسيوم أو الشاي في نفس الوقت.

   • تظهر النتائج غالبًا بعد 8 إلى 12 أسبوعًا من العلاج المنتظم.

2. دعم النظام الغذائي بمصادر الحديد:

   • تنقسم مصادر الحديد إلى نوعين:

     • حديد هيمي (من أصل حيواني): يُمتص بشكل أفضل.

     • حديد غير هيمي (من أصل نباتي): يُمتص بنسبة أقل ويحتاج إلى فيتامين C لتحسين امتصاصه.

3. تناول فيتامين C مع الوجبات:

   • يساعد على تعزيز امتصاص الحديد غير الهيمي.

   • مصادره: البرتقال، الكيوي، الفراولة، الجوافة، الفلفل الحلو.

4. تجنب مثبطات امتصاص الحديد:

   • القهوة، الشاي، الكاكاو، الحليب، ومضادات الحموضة.

سابعًا: أهمية المتابعة الطبية وتحاليل ما بعد العلاج

من الضروري المتابعة الدورية لتحاليل الحديد لتقييم استجابة الجسم للعلاج. لا يكفي أن يرتفع الهيموغلوبين، بل يجب التأكد من استعادة مخزون الفيريتين إلى مستويات طبيعية (يفضل فوق 50 نانوغرام/مل لضمان صحة الشعر). كما يُنصح بمتابعة دورية عند الأشخاص المعرضين مجددًا لنقص الحديد، كالحوامل أو من لديهم أمراض مزمنة.

ثامنًا: دراسات علمية تدعم العلاقة بين الحديد وتساقط الشعر

• دراسة منشورة في مجلة “Journal of the American Academy of Dermatology” عام 2003 أشارت إلى وجود صلة قوية بين انخفاض الفيريتين وتساقط الشعر الكربي عند النساء، حيث كان لدى معظم النساء المصابات مستويات فيريتين دون 30 نانوغرام/مل.

• دراسة أخرى في “Clinical and Experimental Dermatology” سنة 2002 أظهرت أن رفع مستويات الفيريتين ساعد على إعادة نمو الشعر لدى النساء المصابات بتساقط الشعر المزمن.

تاسعًا: الوقاية ودعم صحة الشعر بشكل عام

بالإضافة إلى علاج نقص الحديد، توجد بعض العوامل التي تساهم في دعم صحة الشعر:

• التغذية المتوازنة الغنية بالبروتين والفيتامينات والمعادن.

• تجنب التوتر النفسي المستمر.

• تجنب استخدام المواد الكيميائية القاسية على الشعر.

• التقليل من استخدام مجففات ومكواة الشعر الحرارية.

• ممارسة الرياضة لتحفيز الدورة الدموية.

المراجع

1. Trost LB, Bergfeld WF, Calogeras E. “The diagnosis and treatment of iron deficiency and its potential relationship to hair loss.” Journal of the American Academy of Dermatology. 2006.

2. Rushton DH, et al. “Why should women have lower reference limits for ferritin than men?” Clinical and Experimental Dermatology. 2002.